
لطالما حظيت بلدة غرينيتش القريبة من لندن باهتمام ملوك بريطانيا كالملك هنري الثامن الذي أقام فيها خلال فترة حكمه، والملك تشارلز الثاني الذي أسس فيها المرصد الملكي سنة 1675 لتُعتمَد فيما بعد كمركز للدراسات الفلكية في المملكة المتحدة، كما تعاظمت أهميتها في العالم بعد اعتماد توقيتها كتوقيت عالمي عام 1884.
في حين ارتبط اسم غرينيتش بالبحر والملاحة منذ القدم، يوم اختارها الرومان موضعاً للإنزال البحري عند غزوهم للجزر البريطانية.
هذه العوامل وغيرها جعلت من غرينيتش المكان الأفضل لاستضافة المتحف البحري الوطني ، أكبر متحف من نوعه في العالم.
تم بناء المتحف بتمويل من السيد جيمس كيرد، أحد الأغنياء الإنكليز، وافتتحه الملك جورج الثالث رسمياً يوم 27 نيسان/ أبريل 1937 أثناء قيامه بجولة على طول نهر التايمز بصحبة ابنته الأميرة إليزابيث.
وتأتي أهمية هذا المتحف وضخامة محتواه من كونه موجوداً في أهم بلد مارس النشاط البحري في العصور الحديثة، ونستطيع القول بأنه يؤرشف لتطور العمل البحري في العالم، إذ أنه يضم اليوم العديد من المجموعات التاريخية التي لها أهمية كبيرة في تأريخ العمل البحري في بريطانيا والعالم، فهو يحتوي على أكثر من مليوني تحفة تتعلق بتاريخ الملاحة البحرية ببريطانيا وهولندا ومختلف البلدان الأوروبية خلال القرن السابع عشر، بما فيها الخرائط والمخطوطات والسجلات العامة الرسمية ونماذج السفن والخطط والأدوات العلمية والملاحية وأدوات ضبط الوقت والفلك.
كما يضم أكبر مكتبة مرجعية في العالم لتاريخ البحار، والتي تقوم على أكثر من 100 ألف كتاب و20 ألف كتيّب و20 ألف دورية مختصة للسفن البحرية و8 آلاف من الكتب النادرة والمخطوطات التي تؤرخ للفترة من عام 1474 وحتى عام 1850.
بالإضافة إلى أكثر من مليوني قطعة مختلفة من قطع نقدية قديمة، وميداليات، وأسلحة، وصور فوتوغرافية تاريخية ونماذج سفن وخرائط و الكثير الكثير من البيانات والأمثلة ومواد أخرى.
ولن ننسى الصفة الأُخرى الهامة في المتحف وهي المدونات، مدونات الضباط البحريين الانكليز في القرون الماضية وهو ما يجعل زيارة هذا المتحف أمراً بالغ الاثارة للضباط البحريين ليطلعوا على كيفية التدوين على متن البواخر في تلك الأزمان وتطوره ليصل الى الشكل الحالي.
هذا المخزون التاريخي الهائل بالإضافة إلى التصميم الجميل للمتحف والاهتمام الكبير من القائمين عليه يُبرهن على نجاحه كمنظمة جديرة بالثقة في كل أنحاء العالم، ويثبت أحقيته في اختياره كأحد مواقع التراث العالمي من قبل منظمة اليونيسكو عام 1997 بسبب تميزه وتألقه.
إذا أردت زيارة المتحف البحري الوطني فالدخول مجاني وهو يفتح أبوابه من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الخامسة مساءً، أما يوم الخميس فمن العاشرة حتى الساعة الثامنة مساء. ولا يبعد المتحف عن محطة القطار في بلدة غرينيتش سوى 15 دقيقة سيراً على الأقدام... بانتظار أن تخبرنا بما شاهدت
المصطلحات: