هل واجهتك مشكلة ما في استيفاء رواتبك بعد عودتك من رحلة بحرية شاقة؟
هل تعرف ما يتوجب عليك فعله إذا تعرضت لإصابة ما "لا سمح الله" نتيجة العمل ولم تحصل على التعويض الملائم؟
هل تعرف من يقوم بتحصيل الحقوق من المتسببين بالأضرار في قطاع النقل البحري؟
إنه المحامي البحري كما توقعت، فهو المحامي المتخصص في كل أشكال النزاعات الناتجة عن الصناعة البحرية بشكل عام، سواء من جهة الادعاء أو الدفاع، وهو المعني بمطالبات التعويض للبحارة الذين تعرضوا للإصابة أو للسفن والمنشآت والشركات المتضررة بسبب الحوادث الناتجة عن تصادم السفن وما إلى ذلك، وبكل التفاصيل الدقيقة الأخرى المتعلقة بالمحيطات والبحار والأحداث الجارية فيها.
ظهر مفهوم القانون البحري في أواخر القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر عندما كان السفر بالبحر هو العرف الوحيد السائد. لكن خلافاً لتلك الفترة أصبح القانون البحري في العصر الحديث يشمل ما هو أكثر من ذلك بكثير، نظراً لتطور العمل البحري وتباين القوانين واللوائح الصادرة في مختلف بلدان العالم. وأصبح لزاماً على المحامي البحري أن يكون على علم تام بكافة الجوانب المتعلقة بقوانين البحار، وفي مختلف البلدان، الكبيرة منها والصغيرة على السواء.
ففي الوقت الحالي تدخل التعاملات التجارية البحرية ضمن نطاق اختصاص خفر السواحل والدوريات الحدودية، وفي حال حدوث أي خرق بطريق الخطأ من قبل البحارة أو الصيادين فإنهم لا بد أن يعتمدوا على المحامي البحري لمساعدتهم على الخروج من الأزمة، مما يفرض على هذا المحامي أن يكون على علم بكل ما يلزم على رقعة شاسعة من البحار والمحيطات.
إضافة الى ذلك، المحامي البحري يجب أن يكون على دراية بجوهر وتفاصيل المشاكل التي يمكن أن تكون موضع خلاف في بعض الحالات.
ففي الحوادث الكبيرة التي تكون الأضرار الناجمة عنها ليست بقليلة، يحتاج التوصل لمبلغ التعويض إلى مفاوضات طويلة وشاقة، كما تحتاج مطالبات الأطراف المتضررة إلى دراسة وتأن لتقديرها بشكل عادل، وهذه القضايا تتطلب من المحامي البحري الكثير من الاهتمام والدقة والاطلاع على القوانين المعمول بها في كل دولة وليس فقط دولة بعينها.
أيضاً القوانين الخاصة بالأفراد، مثل قانون جونز الذي يتناول تحديداً حقوق البحارة في حالات الإصابة أو الوفاة الناتجة عن العمل هي في صلب اهتمام أي محامٍ بحري ويجب أن يكون على إحاطة تامة بها.
في يومنا هذا، حيث أصبحت حماية البيئة البحرية والنظام البيئي البحري من الأولويات، أصبح من الممكن للمحامي البحري المساعدة في حل التهديدات والمشاكل التي تطرحها مختلف الحوادث والوقائع مثل التسرب النفطي أو ما شابه.
وكما يمتلك المحامي الجنائي والمحامي المدني لائحة كبيرة من القوانين الناظمة للأنشطة التي تحدث على البر والمخالفات الخاصة بها والعقوبات المستوجبة، فإن لدى المحامي البحري ما يفوقها عدداً ودقةً، لأن الطبيعة المتغيرة والدائمة التطور للعمل البحري جعلتها في حالة تحديث دائم، وقد أخذ المحامون البحريون على عاتقهم خلق التوازن والتوافق بين الإجراءات القانونية على البر والإجراءات القانونية التي تخص عالم البحار، ولا بد هنا من الإشادة بالجهود الكبيرة المبذولة من المحامين البحريين في وضع القوانين الجديدة وإيجاد المفردات القانونية المناسبة، خاصة وأن القضايا البحرية ليست بهذه السهولة.
أخيراً، من المعروف أن البت في النزاعات البحرية الكبيرة والمتشعبة قد يستمر لسنوات طويلة في بعض الأحيان، مما يترتب عليه خسائر فادحة للمتسببين بالأضرار إضافة إلى حرمان المتضررين من الاستفادة السريعة من التعويض، لذلك جرت العادة في القضايا من هذا النوع أن تلجأ الأطراف المتنازعة إلى ما يعرف في يومنا هذا بالتحكيم (Arbitration) ... والذي سنفرد له مساحة على صفحاتنا.
التعليقات: