تنطبق القواعد الخاصة بالمياه الإقليمية والدولية على المضائق أيضاً، فإذا كان عرض المضيق أكثر من ستة أميال بحرية تصبح نصف هذه المسافة والموزعة على جانبيه مياهاً إقليمية، والشقة المائية في وسطه تصبح مياهاً دولية.
أما لو كان عرض المضيق ثلاثة أميال بحرية أو أقل، فإنه يصبح مياهاً إقليمية صرفة ويصبح للدول المحيطة به حق السيطرة عليه بالكامل ويحدد نصيب كل منها من المضيق بخط يمر في وسطه.
قد يقل عرض المضيق إلى أن يبلغ بضعة أمتار كالمضائق التركية بالقرب من اسطنبول، وقد يزيد عرضه ليصل 32 كيلو متراً كما في مضيق بهرنغ بين روسيا والولايات المتحدة، لكن في الحالتين فإن للمضائق شأناً كبيراً في تسهيل الملاحة البحرية واختصار المسافات. وقد كانت معظم المضائق في وقت ما مراكز كبيرة لمرور التجارة العالمية وما يزال بعضها يقوم بهذه المهمة على أكمل وجه كمضيق دوفر، موضوع مقالنا.
يشّكلُ مضيق "دوفر" ممراً بحرياً حيوياً في منطقة غرب أوروبا وقد كان وما يزال الدعامة الأساسية لشبكة النقل البحري الأوربية. لذا فهو أكثر الممرات الملاحية ازدحاماً على الإطلاق.
وقد دعت الحاجة الكبيرة لاستخدام هذا المضيق في أيامنا إلى نظم عدة بروتوكولات لضمان عبور آمن وسليم للسفن عبر هذا المضيق وخاصة بعد ازدياد جحم التجارة البحرية في المنطقة وازدياد حجم السفن بحد ذاتها.
يُشكل المضيق النقطة الأكثر ضيقاً في القنال الانكليزي حيث يبلغ عرضه 20 ميلاً تقريباً، وبالرغم من ضيقه فإن ذلك لا يلغي تميز موقعه الجغرافي بالنسبة للسفن الخارجة من المرافئ الانكليزية باتجاه أوروبا، بالإضافة للسفن المبحرة باتجاه بحر البلطيق وبحر الشمال عبر القنال الإنكليزي، الأمر الذي يحتّم عليها المرور من مضيق "دوفر".
وتبعاً للإحصاءات فقد قُدّر عدد السفن التي تمر من مضيق دوفر ما يقارب 400 سفينة يومياً. ولا يتوقف الأمر على عبور سفن البضائع العامة فقط بل يشمل أيضا المسافرين والعبّارات أيضاً.
ويُطلق على مضيق "دوفر" أيضاً مضيق "كاليه" نظراً لأهميته في المجال البحري الفرنسي، إذ أن ميناء "دوفر" على الجانب الانكليزي من المضيق وميناء "كاليه" على الجانب الفرنسي منه يصنفان من أكثر الموانئ ازدحاما في العالم أيضاً.
وبالإضافة لكونه معبراً بحرياً هاماً يعتبر مضيق دوفر موقعاً شعبياً ترفيهياً للسباحة خاصة بالنسبة للسباحين الذين يقطعون القناة الانكليزية سباحة.
يُتوّجُ الغنى والتنوع البيئي البحري لمضيق "دوفر" الأهمية الاقتصادية التي يشمخ بها. الأمر الذي أدى لفرض أحكام بيئية للحفاظ على استمرارية الغنى والتنوع البيئي لهذا المضيق. هذا ويستمرّ الطرفان الفرنسي والانكليزي ببذل الجهود الحثيثة بشكل مستمر لتنمية التنوع البيئي لهذا الموقع.
شرعت في العقود الأربعة الماضية قوانين عديدة وهامة فيما يتعلق بمرور السفن عبر المضيق. فقد تسبب ضيق المضيق بالعديد من الحوادث التي تُوقع تفاديها بعد إصدار تشريع سنة 1972 لقانون منع التصادم في البحار (وسنفرد لهذا القانون مقالاً مستقلاً).
يندرج المضيق ضمن قائمة مناطق الإبلاغ الإجباري، حيث تلتزم السفن التي تتجاوز حمولتها الإجمالية 300 طناً بالإبلاغ عن تفاصيلها ومواصفاتها.
كما يجب على السفن التي تسلك طريق المدخل الجنوبي الغربي للمضيق إبلاغ خفر السواحل البريطاني في ميناء "دوفر" عن تفاصيلها، وبالمقابل فإن كل السفن التي تدخل المضيق من المدخل الشمالي الشرقي يتوجب عليها إبلاغ السلطات الساحلية الفرنسية أثناء المرور من رأس Gris Nez.
وقد أنشئت قناة خدمية للمعلومات الملاحية في العام 1972 للمساعدة على إتمام القوانين المذكورة آنفاً. بالإضافة إلى أن قناة خدمة المعلومات الملاحية تساهم في الإشراف على حركة المرور الملاحية التي تمر بالقناة باستخدام نظام مسح بالرادار على مدار الساعة.
وفي حال عدم إتباع الإرشادات المنصوصة أثناء عبور المضيق (أو أي مخالفة للقانون) يحقّ لقناة المعلومات الملاحية الإبلاغ عن أي تجاوز واتخاذ الإجراء المناسب.
للتعرف على قناة المعلومات الملاحية اضغط هنا من فضلك.
الموقع الرسمي لميناء دوفر: اضغط هنا من فضلك.
للاطلاع على قائمة متطلبات العبور والمعلومات الواجب على السفينة تقديمها لميناء دوفر بالإضافة للكتب الملاحية التي يحتاجها الملاح أثناء دخول المضيق و قنوات الراديو المستخدمة اضغط هنا من فضلك.
كانت تلك نظرة سريعة على مضيق دوفر، عصب التجارة البحرية في غرب أوروبا، ممرات مهمة أخرى في مقالات قادمة.
المصطلحات: