من بين الصناعات المختلفة المزدهرة عالمياً من الممكن حقاً اعتبار العمل البحري صناعة دولية، وذلك لأنه يُخدِّم أكثر من 90% من تجارة العالم من حيث نقل البضائع والنشاطات التجارية البحرية الأخرى بفعالية اقتصادية كبيرة، ونتيجة لذلك فإن أي سفينة يمكن أن تحكمها سلسلة من القوانين تمتد إلى عدة بلدان، وخاصة أن هذه السفن تقضي معظم أوقاتها في البحر متنقلةً بين مناطق عديدة خاضعة بدورها لسلطات إدارية وقضائية متباينة.
وقد دفع الطابع الدولي الذي يتسم به قطاع النقل البحري إلى الاعتقاد لفترة طويلة أن التحرك دولياً لتحسين سلامة الأنشطة البحرية هو أكثر فعالية من تحرك كل بلد على حدة دون تنسيق مع البلدان الأخرى، وبدأت تظهر الحاجة في بداية القرن الماضي لوجود هيئة عالمية ناظمة للقوانين تقوم بدورها المنصوص عليه بواسطة قواعد ومعايير لتنظيم عملية النقل البحري والصناعات البحرية في جميع أنحاء العالم، إلى أن أبصرت المنظمة البحرية الدولية النور خلال مؤتمر عقدته الأمم المتحدة سنة 1948 واعتمدت فيه اتفاقية إنشاء المنظمة البحرية الدولية التي أضحت أول هيئة دولية مخصصة حصراً للمسائل البحرية.
وعلى الرغم من أن المنظمة البحرية الدولية (IMO) تأسست عام 1948 في جنيف، إلا أنها لم تنطلق رسمياً حتى كانون الثاني (يناير) 1959 خلال اجتماع تعريفي عقد في لندن واتخذ من هذه المدينة مقراً دائماً لها.
المهمة الرئيسية للمنظمة البحرية الدولية والمسؤولية الملقاة على عاتقها تتجسد واضحة في شعارها المعتمد "سلامة العمل البحري وأمنه وفعاليته في محيطات نظيفة" وذلك من خلال مراقبة وتطوير إطار شامل من الاتفاقيات والسياسات الخاصة بصناعة النقل البحري وأنشطتها الأخرى مثل الأمن البحري، السلامة البحرية، التعاون التقني، المخاوف البيئية والمسائل القانونية.
وقد نجحت (IMO) في القيام بهذه المهمة منذ نشأتها بالتعاون مع اللجان المتخصصة واللجان الفرعية في المقر الرئيسي. وكان يحضر جلسات هذه اللجان العديد من الوفود والخبراء من الدول الأعضاء والمنظمات الحكومية وغير الحكومية.
أول معاهدة بحرية دولية يمكن إرجاعها إلى معاهدة سلامة الأرواح في البحر "SOLAS" والتي اعتمدت في البداية من قبل عدد قليل من الدول كرد فعل إجرائي على كارثة تيتانيك الشهيرة.
وكانت مجالات الاهتمام الرئيسية التي تمكنت المنظمة البحرية الدولية من تنظيمها هي الوقاية من الحوادث ووضع معايير السلامة للسفن والمراكب الأخرى (بما في ذلك التصميم والمواد)، وإلزام الدول الأعضاء بالتقيد بها واحترام المعاهدات السارية من سلامة وأمن ومنع تلوث وغيرها من الكوارث البشرية التي يمكن تجنبها.
كما تسهل (IMO) التعاون التقني بين الدول الأعضاء، وتضع أليات التنفيذ وفق معاييرها وتكون مسؤولة عن مراقبة تطبيق هذه القوانين والمعايير بالإضافة إلى تحديد المسؤوليات وآليات التعويض في حال الإخلال بأي من بنود لوائح التعاون. وتلعب المنظمة البحرية الدولية اليوم دوراً بالغ الأهمية في تقدم المجتمع المعاصر نحو بيئة تجارية ونقل أفضل ونظيف.
وهي أعلى سلطة إدارية في المنظمة وتمثل هيئتها التوجيهية، وتتألف من جميع الدول الأعضاء في المنظمة، وتجتمع مرة كل سنتين في الدورات العادية، ولكن يجوز أن تجتمع في دورة استثنائية إذا لزم الأمر. والجمعية العامة هي المسؤولة عن الموافقة على برنامج العمل، والتصويت على الميزانية وتحديد الترتيبات المالية للمنظمة، كما تنتخب الجمعية المجلس التنفيذي.
يتم انتخاب مجليس المنظمة من قبل الجمعية العامة لمدة سنتين تبدأ بعد كل دورة عادية للجمعية، وهذا المجلس يمثل الجهاز التنفيذي للمنظمة البحرية الدولية وهو مسؤول أمام الجمعية العمومية عن الإشراف على أعمل المنظمة.
في الفترة ما بين الدورات العادية للجمعية يقوم المجلس مقام الهيئة التوجيهية للمنظمة وينفذ جميع مهام الجمعية، باستثناء مهمة تقديم التوصيات للحكومات بشأن السلامة البحرية ومنع التلوث التي تختص بها الجمعية العمومية وحدها دون المجلس.
ويتألف هذا المجلس من 40 دولة من الدول الأعضاء يتم انتخابهم من قبل الجمعية لدورة عادية واحدة (سنتين) تنتخب على ثلاث فئات:
الفئة (A): الدول العشر التي لديها مصلحة كبرى في توفير خدمات النقل البحري الدولي.
الفئة (B): الدول العشر الأخرى التي لديها مصلحة كبرى في التجارة البحرية الدولية.
الفئة (C): عشرون دولة وهي الدول لم تنتخب في الفئة (A) أو (B) أعلاه والتي لها مصالح خاصة في مجال النقل البحري أو الملاحة، ويتم انتخابها لعضوية المجلس بشكل يضمن تمثيل جميع المناطق الجغرافية الرئيسية في العالم.
والمنظمة البحرية الدولية عملياً هي منظمة تقنية يضطلع بأعمالها عدد من اللجان واللجان الفرعية.
لجنة السلامة البحرية (MSC).
لجنة حماية البيئة البحرية (MEPC).
اللجان الفرعية.
اللجنة القانونية.
لجنة التعاون التقني.
لجنة التسهيلات.
الأمانة العامة.
الجدير بالذكر هنا أن باب المشاركة في أعمال اللجان التابعة للمنظمة البحرية الدولية مفتوح أمام الدول الأعضاء على قدم المساواة.
المصطلحات: