يعتمد نقل البضائع من ميناء لآخر في المقام الأول على تنسيق أفراد طاقم عمل السفينة فيما بينهم في مختلف العمليات، وبين طاقم السفينة وطواقم عمل الميناء، ويعتبر التخطيط للرحلة جزءاً لا يتجزأ من عملية النقل البحري التي يضطلع ضباط الملاحة بالقيام بها، ووسيلة لضمان تقيد السفينة بالمسارات المطلوبة للوصول إلى ميناء الوجهة.
يتضمن التخطيط للإبحار وصفاً كاملاً لخط سير السفينة يجّهزه مسبقاً ضابط ملاحة خبير على متن السفينة، والذي يتوجب عليه، أثناء التخطيط، أن يأخذ القوانين الدولية والمحلية بعين الاعتبار.
وفيما يلي المراحل الأساسية والجوهرية في التخطيط لمسار رحلة السفينة.
تتضمن عملية التخطيط للرحلة البحرية أربع مراحل أساسية:
♦ التقييم
♦ التخطيط
♦ التنفيذ
♦ المراقبة
تتمتع كل مرحلة من هذه المراحل بأهميتها الخاصة، ويتوجب القيام بكل خطوة بعناية فائقة مع تحديث ومزامنة كل المعطيات الملاحية لضمان الإبحار الآمن.
في البداية يتم إجراء تقييم تقريبي لعملية الابحار ككل، وحالما تتوضح معالم تلك الخطة التقديرية توضع اللمسات الأخيرة عليها وتعدّل باعتماد التفاصيل المتنوعة من خرائط، كتاب المرشد، خرائط الطقس، وغيرها. فتلك الإجراءات تتم خلال طور التقييم ومراحل التخطيط الأولى للرحلة.
أما في المرحلتين التالتين، التنفيذ والمراقبة، تستخدم الخطة كمرجع إرشادي ويبدأ الإبحار مع الاخذ في الاعتبار عوامل متنوعة كتلك التي يمكن رصدها والتنبؤ بها.
في هذه المرحلة يناقش ربان السفينة مع الضابط الأول وضع خطته للإبحار إلى ميناء الوجهة، (وفي حالات خاصة قد يستدعي الموقف أن يضع الربان بنفسه خطة الرحلة)
ثم يرسم المسار العام الذي ينبغي أن تتبعه السفينة بواسطة ضابط الملاحة الذي توكل إليه هذه المهمة، بعد أن يأخذ في الحسبان إرشادات الربان والشركة وحمولة السفينة والبيئة البحرية وكل العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على مسار السفينة.
يرسَم مسار السفينة العام على خريطة ذات مقياس رسم صغير لتسهيل التخطيط للرحلة، ثم يتم تحويله فيما بعد إلى خريطة ذات مقياس رسم أكبر.
بعد ذلك، يقوم الضابط المسؤول بإجراء تعديلات ثانوية على هذا المسار حين يعتبر ذلك ضرورياً.
يرسَم خط السير في هذه المرحلة على خرائط ذات مقياس رسم مناسب ويتم تمييز كل المعلومات الإضافية، وبهذا تصبح الرحلة جاهزة من ميناء لميناء بما في ذلك الأخذ بالحسبان المياه الخاصة بالإرشاد.
يعتبر تمييز المناطق الخطرة إجراءً فعّالاً في هذه المرحلة، كحطام السفن المجاور والمياه الضحلة ومناطق الحيد البحري والجزر الصغيرة وأية معلومات أخرى من الممكن أن تساهم في زيادة أمان وسلامة الملاحة.
بالإضافة للنقاط المذكورة آنفاً، يوصى بأن يتم تحديد نقاط تغيير خطوط السير ومسافات الأهداف القريبة من خطوط السير في حال تواجدها، ويضاف إلى ذلك تمييز مناطق الإرسال والاستقبال على الخريطة.
في هذه المرحلة يبدأ ضباط الملاحة بتنفيذ الخطة التي تم التجهيز لها.
بعد الانطلاق، تُضبط السرعة حسب الوقت المتوقع للوصول وحالة الطقس المتوقعة ومعطيات المسح المحيطي. وبشكل عام يتم تجهيز أداء السفينة بالشكل الذي يحقق وصولها إلى ميناء الوجهة في وقت ليس بالمبكر جداً ولا متأخر.
إن الشرط الأساسي لرحلة آمنة ناجحة يمكن أن يحقق فقط بمراقبة مستمرة ودقيقة لتقدم السفينة في المسارات التي رُسمت مسبقاً، فقد تظهر بعض الحالات المفاجئة التي قد تجعل من الحكمة من ضابط الملاحة تغيير خط السير المرسوم للرحلة، وفي هذه الحالات يتوجب على الضابط إخطار الربان واتخاذ أي إجراء يراه ضرورياً بالشكل الذي يضمن سلامة السفينة والطاقم.
وتعتبر المراقبة كخطوة أخيرة في التخطيط للرحلة البحرية ذات أهمية بالغة والتي من خلالها يساهم كل ضباط الملاحة في تنفيذها، وهذا كله يتطلّب حكمة في التقدير، وضلاعة وخبرة في فن الملاحة.
لا شك أن ما ذكر آنفاً لا يعدو كونه كلاماً عاماً في التخطيط للرحلة البحرية، وأن العمل الفعلي ينضوي على الكثير من التنسيق والتفاصيل الأخرى الدقيقة للغاية، والتي ينبغي مراعاتها إلى أبعد حد للوصول بالسفينة وطاقمها إلى وجهتها بأمان.
التعليقات: