على الرغم من بناء السفن طبقاً لقوانين دولية وقواعد صارمة لهيئات التصنيف والتي لا تسمح بأي خروقات فيما يتعلق ببناء السفينة أو القضايا التي تخص سلامتها، يبقى هناك العديد من العوامل المسببة لغرق السفينة.
من بين أكثر هذه العوامل شيوعاً يأتي الخطأ البشري أولاً ثم الكوارث الطبيعة بالدرجة الثانية، وحوادث كالتصادم، وغفلان طاقم السفينة عن اتخاذ بعض الإجراءات الهامة وغيرها الكثير. وأحد هذه العوامل أو اجتماع اثنين منها أو أكثر من شأنه أن ينتهي بالسفينة إلى الغرق.
في حال كان الخطأ البشري سبباً في غرق السفينة فإنه غالباً ما ينحصر في حيز قضايا الملاحة (مع أن هذا لا ينفي أنه في بعض الأحيان كان لغرفة المحركات والأعطال التي تصيبها كانفجار أو حريق وغيرها دور كبير في غرق السفن).
أما حين نسلط الضوء على الملاحة فإن سوء الفهم بين السفن فيما يتعلق بالقضايا الملاحية وعدم الالتزام بالقوانين الدولية يعتبران السببين الرئيسيين للحوادث. إذ يمكن لأسباب كهذه في نهاية المطاف أن تؤدي إلى تصادم بين سفينتين مسببة بذلك غرق إحدى السفينتين المتصادمتين أو كليهما. ويمكن أيضاً أن تؤدي الأخطاء الملاحية إلى الشحط والجنوح في المياه الضحلة متسببة بإلحاق أضرار بالغة ببدن السفينة وفاسحة المجال للماء بالتسرب إلى داخلها.
وللظواهر الطبيعية كالرياح العاصفة والأمواج العاتية حصة في زعزعة اتزان السفينة وإغراقها. فالرياح والأمواج تؤثر بشكل كبير على السفن التي تتمتع بارتفاع عالٍ للسطح الحر، كسفن ناقلات السيارات والحاويات، الأمر الذي يجعل مناورة تلك السفن أكثر تعقيداً وقد تؤدي لوقوع حوادث التصادم. ففي حال كانت أطوال الأمواج أكبر من طول السفينة ستؤدي الدرفلة الطولية والعرضية لبدن السفينة إلى الضغط على الجزء المركزي من البدن مما سيؤدي لانهيار البدن في المنتصف في نهاية المطاف كما سبق وأسلفنا في مقال سابق.
في حال كانت خزانات السفينة نصف ممتلئة ستؤثر الدرفلة الطولية والعرضية للسفينة على السائل الموجود في الخزانات مؤدية إلى حركته، حيث يتحرك السائل داخل الخزانات مع حركة السفينة بشكل غير متوافق مما يزيد من درفلتها بالمقابل. ويعرف هذا التأثير بتأثير السطح الحر.
لهذا السبب من الضروري أن تكون الخزانات إما ممتلئة بالكامل أو مقسمة بقواطيع طولية مما سيساهم في تخفيض تأثير السطح الحر، الأمر الذي قد ينقذ السفينة من غرق محتّم.
ويمكن لتأثير السطح الحر أن يظهر نتيجة تراكم الماء على سطح السفينة، عندما لا يكون هناك تجهيزات كافية لتصريف الماء المتجمع، مما يؤثر على اتزان السفينة لحد كبير.
تتحرك البضائع وتزاح من مكانها نظراً للدرفلة العرضية التي تصيب السفينة وتؤدي بدورها إلى زيادة الدرفلة بسبب الاختلاف في توزع الأحمال، وقد ينتهي ذلك بغرق السفينة في حال غمر السطح بالماء، لهذا يجب تأمين البضائع خاصة بالنسبة لسفن الحاويات. أما بالنسبة لسفن البضائع السائبة فيجب تستيف البضائع جيداً وتثبيتها باستخدام صفائح معدنية توضع بين فراغات التحميل لتمنع حركتها.
تتعلق هذه الناحية بسفن البضائع الصب، فهناك بعض البضائع التي تمتص الرطوبة من الجو، ونتيجة لازدياد رطوبة البضاعة متجاوزة حداً معيناً يصبح تأثير البضائع الصب كالسوائل الأمر الذي يفسح المجال لتأثير السطح الحر. لهذا يجب مراقبة البضائع وتخليصها من الرطوبة حسب ما تتطلب الظروف.
يسبب تراكم الثلوج تزايد الكتلة على السطح ويؤدي لتأثير مشابه لذاك الذي يحدثه انزياح البضائع، ولهذا السبب من الضروري إزالة الثلج المتراكم على السطح وتصريف بقية الماء العذب أو المالح لتفادي أي أضرار.
تتميز كل سفينة بفترة درفلة طبيعية، لذا فإن مواجهة السفينة لسلسلة من الأمواج الطولية بالشكل الذي يتزامن مع درفلتها قد تؤدي والحال هذه إلى عدم إتاحة الوقت الكافي للسفينة لتستعدل مرة أخرى، وعدم معالجة هذه المشكلة مباشرة قد ينتهي بغرق السفينة، لذلك يجب مراقبة سرعة واتجاه السفينة وتغييرهما لتفادي الدرفلة المتزامنة.
لا شك أن ظروف الإبحار أعقد وأشمل مما تم ذكره في السطور السابقة لكن تبقى الأسباب المذكورة هي الأكثر شيوعاً مع أنه من الممكن تفادي حدوثها بإجراءات بسيطة وكثيراً ما انتهى إغفال هذه الإجراءات بكوارث لم تكن في الحسبان.
هل تعرف أسباباً مهمة أخرى لغرق السفن؟ شاركنا بها من فضلك في التعليقات أدناه.
المصطلحات: