المكان: منطقة مضيق الأمير ويليام Prince William Sound، جنوب ألاسكا
الزمان: 24 آذار/ مارس 1989.
الحدث: تسرب نفطي لا سابق له في التاريخ.
غادرت إكسون فالديز خط أنابيب ألاسكا في ميناء فالديز - خليج برودهوي محملة بـ 53 مليون غالون من النفط الخام عند تمام الساعة 21:12 يوم 23 مارس آذار 1989، متجهة إلى "لونغ بيتش، كاليفورنيا" واتخذت مساراً مختلفاً عن المسار البحري الرسمي المعتاد، بناءً على تعليمات القبطان جوزيف هازلوود لتفادي الارتطام بالجبال الجليدية. لتجنح الناقلة بعد ذلك في غفلة من الطاقم إلى منطقة قليلة العمق لا تصلح لإبحار سفينة بحجمها، الأمر الذي أدى إلى اصطدام قاعها بصخور البلاي ريف Bligh Reef المعروفة في منطقة مضيق الأمير ويليام، فأصيبت السفينة بأضرار بالغة، وبدأ النفط بالتسرب شيئاً فشيئاً.
وفي اليوم الثالث للجنوح هبت رياح بسرعة ١٠٠ كم/ساعة، جعلت احتواء التسرب شبه مستحيل وانتشر النفط ليغطي مساحة تقدر بـ 900 ميل مربع على طول الشريط الساحلي لألاسكا.
قدر حجم النفط المتسرب يومها بحوالي 10.9 مليون غالون (36000 طن) من الحمولة الإجمالية للناقلة.
بعد هذا الانتهاك للقانون من قِبل إكسون فالديز أصدرت شركة "إكسون موبيل" توصية تُلزم باتباعٍ صارم للطُرق الملاحية القانونية لكي يتجنبوا أي حوادث أخرى من هذا النوع.
قضائياً أدين القبطان هازلوود بالإهمال وتم تغريمه بـ 50,000 دولار أمريكي وحكم عليه بـ 1000 ساعة عمل في خدمة المجتمع في ألاسكا، عمل خلالها في جمع القمامة على طول الطريق السريع سيوارد، وفي إعداد الحساء في مطعم بينز، المخصص للمشردين في أنكوريدج، ألاسكا، وأكملها قبل الموعد النهائي المحدد.
فيما فرض القضاء الأمريكي عام 1994 على إكسون موبيل دفع 5 مليار دولار كتعويض عن الخسائر التي تسببت بها إكسون فالديز خفضت بعد الاستئناف حتى 4 مليارات عام 2001 أنفقت منها 2.1 مليار دولار على حد زعم الشركة.
حدث تسرب نفط إكسون فالديز على ساحل ألاسكا المتقطِّع ومع ذلك كانت تأثيرات التسرب ونتائجه ضخمة وهائلة. وبالرغم من أن شركة "إكسون موبيل" المالكة للناقلة ساعدت كثيراً في عمليات التنظيف مع خفر السواحل الأمريكية وأَنفقت ما يقارب 300 مليون دولار للتعويض البيئي للبشر وللمخلوقات التي تعيش في مكان الحادث إلا أن هذا الحادث غير المقصود والذي كان من الممكن لسفينة إكسون فالديز تفاديه خلف وراءه أثراً فادحاَ على البيئة والاقتصاد الألاسكي.
فكان توقُّف الصيد والاستجمام في مضيق الأمير ويليام أحد الآثار الفورية لكارثة إكسون فالديز. وبلغت الخسائر المادية في السنة التي حصلت فيها حادثة تسرب النفط 580 مليون دولار بسبب التلوث وغياب الصيد والاستجمام، بالإضافة إلى توقف السياحة بالكامل لأن عمليات التنظيف شملت معظم المناطق مما أدى إلى عجزٍ شديد في قطاع السياحة.
استغرقت عمليات التنظيف ثلاث سنوات تقريباً، استخدم خلالها أكثر من 11000 موظفاً، 58 طائرة و1400 مركباً لتنظيف المنطقة الملوثة التي اقتضت عمليات معقدة مثل نقل الكثير من الكائنات المائية إلى مكان آخر لحمايتها ريثما تنتهي بنجاح. في الوقت الذي أتى فيه التلوث بالنفط على 250,000 طائراً بحرياً، 2,800 من ثعلب البحر، و300 من فقمة الميناء، 250 من النسور الصلعاء، وتصل إلى 22 من الحيتان القاتلة، والمليارات من بيوض سمك السلمون والرنجة.
فيما تستمر عمليات المراقبة إلى اليوم على كامل طول الساحل الذي حدث عنده التسرب من أجل مراقبة ظهور أي تأثيرات جديدة لتسرب النفط.
وبالمقابل لوجود آثار قصيرة الأمد على الاقتصاد الألاسكي كان هناك تأثيرات طويلة الأمد سببتها حادثة تسرب نفط إكسون فالديز وهي التي كانت تؤثر على النظام البيئي والحياتي.
من وجهة نظر العلم هناك مفهومان للتسرب النفطي هما التسرب السطحي والتسرب تحت السطحي.
تمت إزالة التسرب السطحي تماماً، لكن في الحقيقة، إن تسرب النفط تحت السطحي هو الذي يؤثر فعلياً على عالم الأحياء، وولوج النفط المتسرب من إكسون فالديز إلى أعماق المحيط جعل من تنظيفه مهمة صعبة للغاية.
وعلى الرغم من عمليات التنظيف الجارية حتى يومنا هذا، من المتوقع أن يبقى 20 هكتاراً من الساحل الألاسكي ملوثاً نتيجة التسرب تحت السطحي.
ويسبّب هذا التسرب قلقاً كبيراً حيث إنه أضاف مخاوف جديدة إلى جانب فكرة الاحتباس الحراري وارتفاع مستوى سطح البحـر.
وحتماً تناقص تأثير تسرب النفط بسبب الاستجابة الفورية والفعالة للجهات المعنية، فلولا هذه الاستجابة لكانت النتيجة مدمرة تماماً.
بعد عدة تغييرات في الاسم والملكية تم تحويل الناقلة إكسون فالديز إلى ناقلة حديد خام لتبحر عبر بحر الصين الجنوبي، وتصطدم بسفينة حاويات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 فبيعت الناقلة وتم تغيير اسمها، ومن ثم بيعت مرة أخرى كخردة وتم توجيهها إلى الهند لتفكيكها في 2 آب/ أغسطس 2013، لتضع نهاية لحياتها المليئة بالأحزان.
صنفت كارثة إكسون فالديز من بين الكوارث العشر الأعلى كلفة في العالم فيما دخلت نظام التعليم في العديد من الولايات الأمريكية بوصفها درساً قاسياً من دروس التاريخ.
التعليقات: