يستمر المتسابقون للتنقيب عن النفط في تحطيم الأرقام القياسية الواحد تلو الآخر، ولا تكف أعمال التنقيب عن الانتقال من العميق إلى الأعمق يوماً بعد يوم. فالحاجة المتزايدة إلى النفط تفرض البحث عنه في أماكن جديدة مهما جلب ذلك معه من تحديات ومخاطر كبيرة. وخاصة أن الأزمنة التي كانت فيها شركات النفط تبني منصة صغيرة للتنقيب وتحفر قليلاً هنا وهناك ليتدفق النفط من تلقاء نفسه، قد مضت إلى غير رجعة وحل محلها ما هو أكثر جدية وصعوبة: الحفر في المياه العميقة
تبدأ عملية الحفر في المياه العميقة بشكل أساسي بتحديد موقع بئر النفط (الخزان الجغرافي للنفط) في القاع واستخدام وحدة حفر بحرية متنقلة تعمل بشكل مؤقت. وبعد انتهاء عملها يتم بناء منصة دائمة من أجل القيام بكامل العمل اللازم لاستخراج النفط.
يعتمد حفر البئر على القيام بإجراء حفرة في قاع المحيط أو البحر لاستخلاص الموارد الطبيعية وهذه المرحة تمثل تحدياً حقيقياً لعملية الاستكشاف والتطوير والتي تمر بمراحل عدة.
علاوة على ذلك، فإن حفر بئر تحت شروط جغرافية ومناخية قاسية (مثل الحرارة المنخفضة والتي في بعض الأحيان تكون قريبة من درجة التجمد، والتيارات البحرية في القاع مع ضغط عالٍ والذي قد يكون كافياً لتصدع المعادن المستخدمة في الحفر وحتى التي تتمتع بمقاومة شد عالية) يعتبر عملاً شاقاً ومكلفاً جداً لذلك تكون منشآت الحفر البحرية مصممة بطريقة عالية الدقة كي تتحمل طبيعة وأحمال قوى البحر الإضافية.
بعد أن تقوم شركات الحفر بتأكيد الموقع الذي سيتم حفره، فإن الآبار تُحفر في قاع البحر بواسطة أجهزة حفر عالية التقانة بغرض استخراج النفط والغاز الطبيعي وتكون المراحل الأساسية لحفر البئر كالتالي:
وتعد المرحلة الأولية في عملية الحفر حيث يتم الحفر في حفرة مفتوحة من خلال وحدة من وحدات الحفر المتنقلة، بداية بواسطة أنبوب حفر قطره 36 إنش يتم تثبيته بقوة على عمق 100 متر داخل قاع البحر. هذا الأنبوب يعد اللبنة الأساسية أو العمود الفقري للبئر والذي بدوره يؤسس لعملية حفر بئر أكبر وأعمق.
وتتبع هذه العملية بحفر لأعماق أكبر وإنزال أنابيب داخل أنبوب الحفر الأصلي ولكن بأقطار أصغر وبذلك يتم الوصول للعمق المطلوب.
بعد أن يتم تركيب أنبوب الحفر بشكل متين وتثبيته بالإسمنت، يتم العمل على وضع قاعدة كرأس للبئر فوق وحدة مجموعة أنابيب الحفر ثم تركب وحدة عدم رجوع فوق الرأس المثبت لمنع خروج الغاز بضغط عالٍ وتأمين اتصال مستمر مع سطح وحدة الحفر المتنقلة من اجل عمليات حفر أعمق وأكبر.
بعد أن يتم الانتهاء من المرحلتين الأساسيتين المذكورتين أعلاه، يتم إنزال محاور حفر حلزونية (قلاويظ) متصلة بالقرص الميكانيكي الذي يؤمن الحركة الدوارة من خلال محركات على السطح ومجموعة روافع للإنزال والسحب. هذا العمل يتم بتناسق كبير مما يمكن محاور الحفر من فتح الطريق داخل طين وحجارة قاع البحر الامر الذي يؤمن إنزال الأنابيب المتوضعة مسبقاً فوق الخزان لأعماق كبيرة تسمح بتدفق النفط والغاز عبر نفس الانابيب إلى منصة الاستقبال على أكمل وجه.
وأخيراً، يمكننا القول إن عملية الحفر البحري تتطلب الكثير من الإجراءات الواجب اتخاذها والمخاطر المفروض مواجهتها. فعلى سبيل المثال لا الحصر يظهر خطر التلوث البحري كأهم العوائق التي تقف في وجه هذه الصناعة إضافة إلى الحاجة الدائمة لاستخدام آلات متطورة وقوة عاملة مدربة لهذا الغرض. كما أن شركات النفط لطالما قامت بتطوير العديد من التقنيات خلال سنوات عملها لتحقيق كل المتطلبات السابقة وتجنب الاستغلال غير المحسوب لمورد النفط الأحفوري.
التعليقات: