تعتبر المستويات العالية من الاهتزازات إحدى أكثر المشاكل شيوعاً على متن السفن، والتي تؤدي للعديد من الآثار السلبية أهمها زيادة الإجهاد الإنشائي للسفينة وشعور الركاب والطواقم بعدم الارتياح.
تم في الماضي استبعاد العديد من السفن من الخدمة بسبب المستويات غير المقبولة من الاهتزازات، باعتبارها سفناً غير آمنة، وقامت هيئات التصنيف مع مرور الوقت بالعديد من الأبحاث أدت إلى تحسينات كثيرة على صعيد الاهتزازات البحرية عبر تغيير تقنيات التصميم بحيث تم تضمينها عدداً من العوامل المتعلقة بتخفيف مستويات الاهتزازات خلال دورة حياة السفينة.
سنكتفي هنا بالحديث عن أنواع الاهتزازات التي تحدث على متن السفينة وأسس تصنيفها، إضافة إلى إلقاء الضوء على مصدر كل نوع من الاهتزازات وتقنيات التصميم المستخدمة للتخفيف منها (بافتراض أن أساسيات الاهتزازات معروفة بالنسبة للقارئ).
تقسم الاهتزازات على السفن إلى نوعين وذلك اعتماداً على عناصر السفينة التي يتعلق بها الاهتزاز، وهي:
اهتزازات الآليات
اهتزازات البدن
سنسلط الضوء أولاً على النوع الأول: اهتزازات الآليات.
إن أي آلة تمتلك أجزاء متحركة بتواتر معين ستقوم بتوليد اهتزازات أي أن المحركات الرئيسية ومحاور الدفع وعلب السرعة والرفاصات والمضخات والمولدات العاملة بالديزل، كلها آليات ناشرة للاهتزازات.
ويكمن دورك كمصمم هنا في فهم كيفية إصدار كل آلة من هذه الآلات للاهتزازات، ومن ثم ابتكار الطرق لإبقاء هذه الاهتزازات ضمن الحدود الآمنة.
بدورها تقسم اهتزازات الآليات إلى ثلاثة أنواع وذلك اعتماداً على طبيعة الاهتزاز وهي:
اهتزازات الفتل.
الاهتزازات المحورية أو الطولية.
الاهتزازات الثانوية.
يتألف نظام الدفع الأساسي في السفينة من المحرك الرئيسي الذي يتصل بالرفاص عن طريق محور.
هذا المحور بدوره يتألف من المحور المتوسط ومحور الرفاص اللذان يتصلان ببعضهما بواسطة فلنجات ربط.
يسبب وجود الوصلات المختلفة في محرك الديزل الرئيسي نشوء عزم فتل في نظام المحور الدوار.
بمعنى آخر نستطيع أن نقول إن الحركة الدورانية لمحرك الديزل تخلق "تحريضاً".
الآن، قم بتبسيط نظام الدفع في السفينة إلى تركيبة من المحاور والأقراص، ما سيسهل عليك تحليل الاهتزازات كما هو موضح في الشكل.
تم أخذ النظام المبين أعلاه والمكون من مجموعة من المحاور والأقراص من نظام الدفع المقترح لسفينة قيد التصميم، ويستخدم هذا النموذج لحساب تردد الفتل الطبيعي لنظام الدفع.
وتكمن مهمتك كمصمم هنا في اختيار محرك رئيسي لا تقع القيمة العظمى لتردده الطبيعي ضمن مجال 5% من تردد الفتل الطبيعي لكامل نظام الدفع. أو بطريقة أخرى يمكن أن نعمم هذه المقاربة بشكل معقول بالقول إنه يجب تخفيف التحريض بحيث نتجنب حدوث الطنين.
يحدد المجال المحظور لسرعات السفينة اعتماداً على مجال السرعة الذي يحصل عنده الطنين ليتم تجنب هذا المجال أثناء الإبحار، ويؤدي إهمال هذا المجال إلى حدوث فشل ناتج عن عزم الفتل في المحور.
يعتبر الاهتزاز المحوري لنظام الدفع أحد أكثر حالات اهتزاز الآليات إثارة للاهتمام، وأحد أهم الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الاهتزازات القسرية.
كما رأينا سابقا فإنه من المهم لتحليل حالة الاهتزاز أن نحدد المحرض الذي أدى لهذا النوع من الاهتزازات.
يجعل الاهتزاز المحوري نظام الدفع يتصرف وكأنه نظام (كتلة-نابض) أفقي متعدد درجات الحرية وهذا يمكننا من أن نبسط النظام الموجود في الشكل أعلاه إلى النظام الموضح التالي:
الآن، اصرف نظرك للحظة عن هذا النظام، ولنركز على آلية عمل الرفاص.
يعتمد الدفع الذي يولده الرفاص على سرعة الماء الناتجة عن اصطدامه بشفرات الرفاص.
وبسبب انحناء البدن عند مؤخرة السفينة لا تكون هذه العملية منتظمة بشكل طبيعي أي أن سرعة الماء الناتجة عن اصطدامه بالجزء العلوي من قرص الرفاص مختلفة عن سرعة تلك الناتجة عن اصطدامه بالجزء السفلي.
ولكي نأخذ فكرة أفضل عن هذه الظاهرة لنركز في الشكل التالي والذي يبين اختلاف سرعة الماء عند زوايا مختلفة حول قرص الرفاص.
يصلح هذا المخطط لمسافة معينة عن مركز قرص الرفاص المبين باللون الأزرق، لذلك يجب أن ندرك أن لكل مسافة عن المركز مخطط مختلف.
نستطيع أن نفهم من هذا المخطط أن سرعة الماء الناتجة عن شفرة رفاص زاويتها 0 درجة تختلف عن سرعة الماء الناتجة عن نفس الشفرة عندما تدور بمقدار 90 درجة، ويستمر هذا الاختلاف على مجال نصف دورة للرفاص. وكنتيجة لذلك فإن الدفع الناتج عن شفرة متموضعة بزاوية صفر درجة سيختلف عن الدفع الناتج عن نفس الشفرة عند تموضعها بزاوية 90 أو 180 درجة، ويتكرر ذلك كل دورة وهذا يعني أن الدفع الناتج عن الرفاص دوري بطبيعته وهذا ما يسمى عادة بالدفع المتناوب.
يلعب الدفع المتناوب دور القوة المحرضة لنشوء الاهتزازات المحورية لنظام الدفع.
ولكي تتجنب حدوث الطنين يجب عليك كمصمم أن تتأكد من أن الترددات الطبيعية الأولى للاهتزاز المحوري المتعلق بنظام الدفع الرئيسي أقل بـ 5% على الأقل من تردد تحريض الرفاص (والذي يمثل عدد دورات الرفاص بالدقيقة مضروبا بعدد الشفرات).
وقد نتساءل هنا: ماذا لو وقع تردد تحريض الرفاص ضمن الترددات الطبيعية الأولى للاهتزاز الطولي لنظام الدفع الرئيسي؟ ما الإجراءات التي يتوجب عليّ اتخاذها كمصمم؟
الإجابة على هذا السؤال وغيره تجدها في الجزء الثاني من المقال.
التعليقات: